recent
أخبار ساخنة

## نادي الصراخ في لندن: ظاهرة جماعية لتفريغ التوتر تعيد تعريف العلاج النفسي المعاصر

 

## نادي الصراخ في لندن: ظاهرة جماعية لتفريغ التوتر تعيد تعريف العلاج النفسي المعاصر

 

**العنوان الاحترافي ** **"نادي الصراخ" في لندن: تحليل ظاهرة التعبير الجماعي عن التوتر والصحة النفسية في عصر السرعة**

 

 

### مقدمة: التعبير الصارخ عن ضغوط الحياة الحديثة

 

شهدت العاصمة البريطانية لندن مؤخراً ولادة ظاهرة اجتماعية ونفسية لافتة، انتشرت بسرعة الضوء بفضل قوة وسائل التواصل الاجتماعي، تحديداً منصة "تيك توك". هذه الظاهرة، المعروفة باسم **"نادي الصراخ" (ScreamClub)**، ليست مجرد تجمع عابر للشباب، بل هي محاولة جماعية للتنفيس عن مستويات متزايدة من القلق والتوتر التي تفرضها الحياة المعاصرة، خاصة على الفئة العمرية الشابة.

شهدت العاصمة البريطانية لندن مؤخراً ولادة ظاهرة اجتماعية ونفسية لافتة، انتشرت بسرعة الضوء بفضل قوة وسائل التواصل الاجتماعي، تحديداً منصة "تيك توك". هذه الظاهرة، المعروفة باسم **"نادي الصراخ" (Scream Club)**، ليست مجرد تجمع عابر للشباب، بل هي محاولة جماعية للتنفيس عن مستويات متزايدة من القلق والتوتر التي تفرضها الحياة المعاصرة، خاصة على الفئة العمرية الشابة.
## نادي الصراخ في لندن: ظاهرة جماعية لتفريغ التوتر تعيد تعريف العلاج النفسي المعاصر


## نادي الصراخ في لندن: ظاهرة جماعية لتفريغ التوتر تعيد تعريف العلاج النفسي المعاصر

  • يستكشف هذا المقال بشكل معمق الأبعاد النفسية والاجتماعية لـ **نادي الصراخ**، وكيف تحول من
  •  فكرة بسيطة على الإنترنت إلى حركة جماهيرية تُسلط الضوء على هشاشة الصحة النفسية للشباب في
  •  بريطانيا وتأثير العزلة الحضرية.

في متنزهات عامة مثل تلة هامبستيد هيث (Hampstead Heath)، يجد عشرات الشباب متنفساً مشتركاً من خلال الانخراط في موجات من الصراخ الجماعي المُنظَّم. هذه الممارسة، التي تبدو للوهلة الأولى غريبة أو غير تقليدية، تُعد انعكاساً عميقاً للأزمات النفسية والاجتماعية التي تعصف بالمدن الكبرى، وتضع على طاولة البحث أهمية إيجاد آليات غير نمطية لإدارة التوتر.


### ولادة الفكرة من الشاشة الصغيرة إلى الواقع الملموس 

 

بدأت شرارة **نادي الصراخ** من الفضاء الرقمي، تحديداً عبر مقطع فيديو تم تداوله على "تيك توك". المنظمة والمؤسسة لهذه المبادرة هي منى شريف، وهي شابة تبلغ 26 عاماً تعمل كمنشئة محتوى رقمي. لاحظت شريف انتشار ظواهر مشابهة في الولايات المتحدة حيث يتجمع الأفراد للتعبير عن ضغوطهم بالصراخ، وقررت أن تُطلق مبادرة مماثلة في لندن.

 

  1. كان الاستجابة للمبادرة فورية ومذهلة. تشير منى شريف إلى أن أول تجمع لـ **نادي الصراخ**
  2.  استقطب قرابة "ألف شخص" في أحد المتنزهات. كما أن مجموعة الدردشة التي أنشأتها على
  3.  الإنترنت شهدت انضمام هذا العدد الهائل في غضون ثلاثة أيام فقط، مما يؤكد على العطش الجماعي
  4.  لوجود مساحة آمنة للتعبير غير المقيد.

 

إن هذه السرعة في الانتشار تكشف عن ميزتين أساسيتين للمجتمع المعاصر: أولاً، دور **تيك توك** كوسيط فعال لتحويل الأفكار الفردية إلى حركات جماعية سريعة الانتشار. ثانياً، الحاجة الملحة لدى الشباب لإعادة التواصل الجسدي والجمعي، والهروب من العزلة التي فرضتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المتصاعدة.

  

### الصراخ كآلية علاجية الجذور النفسية والتنفيس الانفعالي 

 

على الرغم من أن **نادي الصراخ** يبدو نشاطاً عفوياً، إلا أنه يلامس جذوراً عميقة في علم النفس، وتحديداً مفهوم **"العلاج البدائي" (Primal Therapy)** الذي اشتهر في سبعينيات القرن الماضي. يفترض هذا النوع من العلاج أن التعبير الجسدي والصوتي (كالبكاء أو الصراخ) عن الآلام والمكبوتات النفسية القديمة أو المعاصرة يؤدي إلى **التنفيس الانفعالي (Catharsis)**.

 

ويُعرّف التنفيس الانفعالي بأنه عملية تطهير المشاعر المكبوتة، مما يسمح للفرد بتحرير التوتر المتراكم في الجسد والعقل. وفي سياق **نادي الصراخ**، يتحقق هذا التنفيس من خلال:

 

1.  **التحرر من الأحكام الاجتماعية:** في بيئة المدينة المزدحمة، يُنظر إلى الصراخ على أنه سلوك غير لائق أو دليل على فقدان السيطرة. يوفر النادي مساحة يتم فيها تطبيع هذا السلوك، مما يمنح المشاركين إذناً مجانياً للتعبير دون خوف من النقد.

2.  **التعبير عن المكبوت:** يجد المشاركون أن الصراخ الجماعي يسمح لهم بإخراج الضغوط التي لا يستطيعون التعبير عنها بالكلمات، سواء كانت غضباً من الوضع السياسي، أو إحباطاً وظيفياً، أو خوفاً من المستقبل.

3.  **الشعور بالوحدة في التجربة:** مشاركة الألم والتعبير عنه في سياق جماعي يقلل من الشعور بالوحدة والعزلة، ويخلق شعوراً قوياً بالانتماء والتضامن.

 

كما وصفت إحدى المشاركات، ريبيكا دريكس (23 عاماً)، التجربة بقولها: "إنه بمثابة علاج. لا تدرك كل ما تحتفظ به داخلك حتى تفرغه." هذا الاعتراف يؤكد على القيمة العلاجية الذاتية التي يجدها الشباب في هذا النشاط.

 

 

### السياق البريطاني دوافع تجمع الشباب بحثاً عن الإغاثة

 

لا يمكن فهم الانتشار الواسع لـ **نادي الصراخ** دون النظر إلى السياق الاجتماعي والنفسي الحرج في بريطانيا، خاصة بين الفئات الشابة. تشير الإحصائيات والدراسات الحديثة إلى ارتفاع مقلق في معدلات المشكلات النفسية والوحدة في المدن الكبرى.

 

#### الوحدة والعزلة الحضرية

 

على الرغم من كثافة سكان لندن، فإن الشعور بالوحدة والعزلة أصبح وباءً صامتاً. يواجه الشباب صعوبة في تكوين صداقات حقيقية خارج الدوائر الأكاديمية أو المهنية الضيقة. يوفر **نادي الصراخ** فرصة للالتقاء العفوي وتبادل الأفكار خارج الأطر التقليدية.

 

#### الأعباء الاقتصادية والأكاديمية

 

أكد استطلاع أجرته شركة "يوغوف" لصالح جامعة "يو سي أل" (UCL)ونُشر في سبتمبر الماضي، أن ثلثي الشباب البريطانيين (الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 25 سنة) يعانون من مشكلات تتعلق **بالصحة النفسية للشباب**. وتُعزى هذه المشكلات بشكل أساسي إلى:

 

1.  **الضغوط الأكاديمية:** المنافسة الشرسة في التعليم العالي وضغط الأداء.

2.  **المشكلات المالية:** ارتفاع تكاليف المعيشة، وأزمة الإسكان، وصعوبة تأمين مستقبل مهني مستقر.

 

بالتالي، يتحول الصراخ الجماعي إلى رمز للاحتجاج والتنفيس عن الإحباطات النظامية التي يشعرون بالعجز عن تغييرها بشكل فردي.

  

### آليات العمل التجربة من الداخل في متنزهات لندن

 

إن نشاط **نادي الصراخ** ليس مجرد صراخ عشوائي، بل يتبع هيكلاً بسيطاً ولكنه فعال يجمع بين الدعم النفسي الجماعي والتعبير الجسدي.

 

يبدأ التجمع بجزء مخصص للمشاركة اللفظية. يتناوب المشاركون على الصعود إلى مقعد أو منصة بسيطة للتحدث عما يثقل كاهلهم. يمكن أن تتراوح المواضيع بين الشعور بالضياع، أو خيبة الأمل من الأخبار العالمية، أو مجرد التعبير عن عدم الارتياح العام. يتم ذلك وسط تشجيع ودعم من المجموعة.

 

بعد جلسة المشاركة، يأتي دور التنفيس الصوتي:

 

1.  **الإشارة والعد التنازلي:** تنتظر المجموعة إشارة من المنظمة (منى شريف)، التي تقوم بالعد إلى ثلاثة.

2.  **الصراخ الجماعي:** يبدأ الجميع بالصراخ بأعلى أصواتهم في وقت واحد.

3.  **التوثيق الرقمي:** نظراً لأن الظاهرة نشأت على الإنترنت، فإن جزءاً لا يتجزأ من التجربة هو توثيقها عبر الهواتف الذكية ونشرها، مما يغذي دائرة الانتشار على **تيك توك** ويشجع المزيد من الأفراد على الانضمام.

 

 

### جدل العلاج بالصوت النقد والآفاق المستقبلية

 

في حين يجد المشاركون راحة فورية في **نادي الصراخ**، يظل هذا النوع من الأنشطة يواجه بعض التحديات والانتقادات من منظور الطب النفسي التقليدي. يرى بعض المتخصصين أن التنفيس الانفعالي قد يوفر شعوراً مؤقتاً بالتحسن، لكنه قد لا يعالج الأسباب الجذرية للمشكلات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق المزمن.

 

ومع ذلك، لا يمكن إغفال القيمة الإيجابية لمثل هذه المبادرات كأداة للرعاية الذاتية الجماعية. يوفر **نادي الصراخ** ثلاثة عناصر حيوية تفتقر إليها الرعاية الصحية النفسية المدفوعة التكاليف:

 

1.  **الوصولية (Accessibility):** النشاط مجاني ومفتوح للجميع.

2.  **الشمولية (Inclusivity):** يشمل مجموعة واسعة من الأفراد دون متطلبات تشخيصية.

3.  **العمل الفوري:** يوفر إطلاقاً سريعاً للتوتر المتراكم.

 

في الختام 

يمثل **نادي الصراخ** في لندن أكثر من مجرد صيحة عابرة على **تيك توك**. إنه ميزان حرارة يقيس درجة غليان التوتر في المجتمع الحديث، وصرخة جماعية مدوية تطالب بإيجاد حلول أكثر إنسانية وسرعة للتعامل مع الهاجس المتزايد للصحة النفسية والعزلة الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين.

## نادي الصراخ في لندن: ظاهرة جماعية لتفريغ التوتر تعيد تعريف العلاج النفسي المعاصر


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent